الاثنين، 26 أبريل 2010

المرأة .... الحلقة المفقودة في سلسلة العمل المدني بصعيد مصر


مع تنامي دور المجتمع المدني في خدمة قضايا التنمية وبدء تنفيذ برامج تنموية بصعيد مصر ظهرت مشكلة جديدة تتعلق بدور المرأة كمتطوع او كناشط مدني يعمل لخدمة قضايا المجتمع المحلي اذ يعاني الصعيد نقصا شديدا في ناشطات العمل المدني بشكل عام و اعتقد ان الصعيد لا ينفرد بالمشكلة دون باقي اقاليم مصر ولكنها هنا اوضح واكثر تشعبا من اي مكان اخر اذ يفتقد العمل المدني بشكل عام في الصعيد للكوادر النسائية - اللهم الا بعض الحالات الفردية - وتحليلي الشخصي لهذه المشكلة يرتكز علي عدة ابعد منها ان الفتاة الصعيدية تدخل العمل المدني مبكرا في سنوات الشباب الاولي وتبدء في اكتساب الخبرات وتكوين رؤية واضحة لمشاكل المجتمع وطرق الاسهام في حلها وبدلا من مواصلة الطريق تنقطع الفتاة عن العمل المدني بمجرد زواجها , واجهت هذا الموقف عدة مرات اذا عملت مع فتات اقل ما يقال عنهن انهن مشروع قيادات نسائية واعية وواعدة في مجتمعاتهم , تدور دائرة العمل الي ان تدخل علي هذه الفتاة نفسها وهي تحمل دعوة لحفل زفافها فاستلم مع الدعوة استقالة غير مكتوبة من جميع المشاريع المشركة بيننا طبعا لا داعي لشرح خيبة الامل التي نتعرض لها ساعتها كمجموعة عمل بالانسحاب المفأجي لعضو نشط ذو خبرة وهكذا يتكرر هذا الموقف من جديد , هذه ليس السيناريو الوحيد اذا هناك دائما سيناريو الاسرة الصعيدية والتي ترفض تمام انخراط بناتهم في مثل هذه الانشطة الاجتماعية فهي بدروها عائق اساسي لمشكلة التطوع والمراة في الصعيد , نجح في الافلات من هذه الدائرة القيادات الحزبية والسياسية النسائية فهن غالبا ينحدرن من اسر ذات باع في العمل السياسي وبالتالي لا ترفض عمل بناتها فيه بالاضافة لارتباط السياسية في ذهن المواطن الصعيدي البسيط بالحزب الحاكم وما يوفره من مزايا للكوادر الحزبيه لا مجال للحديث عنها هنا , تتقاطع هذه القضية ايضا بكل مباشر مع مفهوم عمل المراة في الصعيد فرغم ارتفاع عدد المتعلمين وحاملي المؤهلات العليا بين ابناء الصعيد الا ان معتقدات المجتمع الصعيدي بخصوص عمل المرأة لم تتغير كثيرا فقد ربط المجتمع بين العمل والحاجة للمال وبما ان العمل المدني هو تطوعي غالبا ولا يدر ربحا علي المشتغلين به فلا فائدة منه في نظر شريحة كبيرة من الاسر الصعيدية يضاف هذا الي مشكلة الفقر وتدني مستوي الدخل لمعظم سكان الصعيد فتدفع هذه الاسر بناتها للعمل بدافع الحاجة لا اكثر وليس عن قناعة حقيقية باهمية عمل المراة.

اثر كل هذا علي قضايا المراة بشكر خطير في صعيد مصر فلا نجد لها مدافعين او ناشطين الا فيما ندر واقتصرت رعاية قضايا المرأة علي الجهاز الحكومي المنوط بذلك واقصد المجلس القومي للمرأة وهو بدورة مجرد جهة حكومية اخري تحمل اطنانا من البيروقراطية وترهل الاداء المصاحب لاداء الجهات الحكومية في مصر , احيانا تظهر مؤسسات وافرع لمؤسسات لرعاية قضايا المرأة الا ان الرفض الاجتماعي لطبيعة عمل هذه المؤسسات يصيبها بالشيخوخة المبكرة فتتحول لديكور لا اكثر بلا ادني تاثير حقيقي علي المرأة ومشاكلها في صعيد مصر.

قضايا المجتمع المدني والتطوع في مصر تحتاج لاعادة نظر وخصوصا هذه القضية ولا اتوقع لها حلا علي المستوي القريب او حتي متوسط الاجل ذلك لان حلها مرتبط بتغيير مفاهييم ترسخت لسنين طوال في اذهان وثقافة مجتمع بكامله وبالتالي تحتاج لفترات طوال ولمجهودات جبارة علي كافة المستويات لتغييره .

الأحد، 11 أبريل 2010

الرئيس السوبر مان


كثيرا هي عجائبك يا مصر لكان لطاما لفتت نظري فكرة تطور الحاكم علي مر العصور في نظر الشعب , بدء الامر كما تعلمون جميعا بالحاكم الاله او ظل الله علي الارض ثم تطور الامر عبر العصور لنصل للحاكم الاب او رب الاسرة كما كان السادات يحب ان يطلق عليه ولكن سيسجل التاريخ للرئيس مبارك اضافة نوعيه جديدة للقائمة السابقة فقد نجح وبدهاء في التحول في نظر العامة والبسطاء الي سوبر مان مصر الذي ينقذهم من بطش الحكومة الظالمة _ طيب يا بشر هم مين اللي معين ام الحكومة _ جرب ان تسال مواطنا بسيطا عن الحكومة وستسمع اطنانا من الشتائم والبذاءات ولكن حين ياتي الكلام عن الرئيس فتسمع: ياسيدي اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش , دا لولواه كنا داخلنا كده في حربين تلاته - اموت واعرف لو دخلنا في الحربين تلاتة دول كان هيحصلنا ايه اكتر من اللي احنا فيه - يا عم ربنا يديله الصحة مين عارف مين هيجي بعده , الرئيس عاوز يصلح البلد بس الحراميه منهم لله بيسرقوها , كان الرئيس من الذكاء بحيث يدعم هذه الصورة في اذهان البسطاء والعامة ويسعي لتاكيدها علي مر سنوات حكمه التي قاربت الثلاثين ولنراجع معا بعض المواقف التاليه :
& منذ اعوام اشتدت حدة اسعار المواد الغذائيه بشكل متسارع فما كان من الرئيس الا ان اعلن في خطابه السنوي احتفالا بعيد العمال برفضه اقتراح الحكومة بزيادة الرواتب بشكل عادي بنسبة 10% واعلن انه قرر زيادتها الي 30% و هلل البسطاء للرئيس الرحيم الذي ينقذهم دائما من براثن الحكومة غليظة القلب , دعك من ان الاسعار ارتفعت بعد الزيادة مباشترا لتلتهم المرتب كله وليس الزيادة وحدها لكن من يجيدون تقدير الامور يدركون ان زيادة رواتب في ظل اقتصاد ضعيف لا يجيد تجديد الموارد لا تعني سوي المزيد من العجز في الموازنة العامة لكن من يهتم ولتذهب الموازنة الي الجحيم طالما الرئيس اطال الله عمره اعطانا بضع مئات من الجنيهات زيادة .
& منذ اعوام فجرت الصحافة قضية الطالبة الاء الطالبة في الصف الاول الثانوي والتي كتبت موضوع تعبير في امتحان اللغة العربيه انتقدت فيه سياسات عليا وعبرت عن رائيها بصراحة فعاقبتها وزارة التربيه والتعليم بالحرمان من دخول الامتحان لمدة عامان والرسوب هذا العام طبعا هاجم الشارع الصحفي بضراوة للدفاع عن الاء وعن حرية الرائ وطالبوا الوزارة بالتخلي عن القرار الظالم والغير انساني بلا ادني استجابة من السادة مسئولي التعليم في مصر وفجاة تحدث المعجزة ويتدخل الرئيس بنفسه ليعيد حق الطالبة وفجاة تكتشف وزارة التعليم كم هي مخطئة وقاسية وتتراجع عن قرارها ويستقبل وزير التعليم الاء ووالدها في مكتبه ويخرج الاب في كل وسائل الاعلام ليقدم الشكر للرئيس ....... يقدم الشكر علي ماذا ؟ علي اصلاحه خطأ اصلا هو المسئول الاول عنه , وطبعا لا يفوت رجال الصحف الحكوميه هذه الفرصة ليرقصون علي انغام حكمة الرئيس وعدله .
- ابحث من حولك وستجد من هذه القصص الكثير والكثير .... الام الفقيرة التي تطلب علاج لابنها خارج مصر علي نفقة الدولة في وسائل الاعلام فيعلن الرئيس قراره المقدس بتسفير الابن للعلاج - طيب وجناب وزير الصحة بيعمل ايه طالما الرئيس هو اللي بيسفر الناس تتعالج طب من نلغي المنصب واهو نوفر عربيات وموتسكلات وشهاليهات في مارينا والرئيس ربنا يخليه يمشي الموضوع بالتلفون - وتستمر المهزلة .
كما قلنا سلفا يعمل النظام علي ترسيخ هذه فكرة الرئيس السوبر مان في عقول العامة واشهد له بالنجاح الي حد كبير , فلسفة الحكم في مصر قائمة علي ان الرئيس باق اما الحكومات في مجرد عرائس ماريونيت في يد اباطرة الحزب الوطني فلا ضير هنالك ان تتعرض للنقد او ان يكرهها العامة.
التقط بعض الاذكياء هذا الخيط وفهموا اللعبة واجادوا قواعدها فانهالوا علي الحكومة نقدا فظهراو في صورة الشرفاء امام الرائ العام وانهالوا مديحا علي حكمة الرئيس وعدله وعبقريته فنالوا الرضا السامي اي انهم كسبوا علي طول الخط فنجحوا في الحصول علي احترام العامة ونجحوا في اقتناص رضي حكام مصر الحقيقيون وليس حكوماتها .