الأربعاء، 20 مارس 2013

عن حكم العسكر الذي لم يسقط

يتفاخر دراويش الرئيس وأعوانه وأعضاء جماعته وميليشياته بان أهم انجاز للرئيس هو إسقاطه لحكم العسكر واسترداد السلطة عنوة من أيدي الجنرالات .... أن تتفاخر بما ليس لك فهذا كذب أما أن تتفاخر بانجازات لم تحدث أصلا فهذه وقاحة .
" اصدر السيد الرئيس القانون رقم 1 لسنة 2013 بشأن منح ضباط وضباط صف القوات المسلحة حق الضبطية القضائية للمساهمة في أعمال حفظ الأمن بالبلاد " هذا هو الخبر الذي طالعناه جميعا في الشهر الماضي أي أن الرئيس الذي يتفاخر بإسقاط حكم العسكر هو نفسه الذي يمنحهم الآن ضبطية قضائية قانونية للقبض علي المدنيين وتفتيش مساكنهم والتواجد في الشارع وتنظيم أكمنة ودوريات وغيرها من مهام الشرطة وان كنت لا تري هذا في الشارع فلن الجيش لم يستخدم سلطاته حتى الآن وتفضل علينا بعدم تفعيل القانون الذي أصدره السيد الرئيس الذي لم يسأل نفسه للحظة وهو يصدر هذا القانون المعيب الذي يعيد بعبع العسكر للشارع من جديد عن مدي شرعيته ودستوريته , أن دستورهم المعيب الذي كتب بليل ينص في مادته 194 على أن ” القوات المسلحة ملك للشعب مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هي التي تنشئ هذه القوات”، وبالتالي قصر مهمة القوات المسلحة في الحفاظ على أمن البلاد وسلامة أراضيها ولم يعهد لها مهام حفظ الأمن الداخلي فهل يطلب منها الرئيس الآن ترك مهامها الأساسية في حماية تراب الوطن لتمارس مهام جهاز الشرطة في حفظ الأمن في الشوارع ؟
الأخطر من ذلك أن صدور مثل هذا القانون في وجود الدستور الحالي الذي يبيح المحاكمات العسكرية للمدنيين سيفتح بابا جديدا لمثل هذه النوعية من المحاكمات غير الشرعية فمن يحمي مواطن بسيط احتك بضابط جيش في الشارع كمثل تلك الاحتكاكات التي تحدث مئات المرات يوميا بين المواطنين وأفراد الشرطة ؟ للأسف لن يجد هذا المواطن قانون أو دستور يحميه من بطش المحاكم العسكرية بل سيجد منظومة قانونية كاملة تقف ضده علي رأسها هذا القانون والدستور الذي كتبه الرئيس وأهله وعشيرته ولم ولن يحترموه مهما ادعوا غير ذلك .
الغريب حقا أن هذا القانون سبق أن صدر إبان فترة حكم المجلس العسكري للبلاد في 13 يونيه 2012 ولم يستمر سوي أيام قليلة حتى ألغته محكمة القضاء الإداري بحكمها التاريخي فهل يأتي الرئيس الذي دأب علي الاعتداء علي السلطة القضائية ليعيد الحياة لهذا القانون الذي رفضته كل القوي السياسية والشعبية والمنظمات الحقوقية أيعتقد إنهم بعد أن رفضوه من المشير طنطاوي سابقا سيقبلونه الآن لمجرد أن من أصدره هو الرئيس المنتخب أم انه يعول علي أهله وعشيرته في تكميم أفواه المصريين فلا يهتفون مجددا يسقط يسقط حكم العسكر .
يدعي الرئيس إسقاط حكم العسكر متمثلا في رئسي المؤسسة العسكرية المشير طنطاوي والفريق عنان اللذان طالب الشعب بمحاكمتهما علي كل المذابح التي جرت في تلك الفترة الدموية من تاريخ مصر فيقوم سيادة الرئيس بتكريمهم ومنحهم اعلي وسام مصر وتعيننهم مستشارين له !!! فعلا ونعم الإسقاط يا سيادة الرئيس المنتخب الذي انتخبناه لكي لا يذهب دم الشهداء سدي فإذا به يكرم سفاحي مذبحة ماسبيرو ومجلس الوزراء ويمنحهم قلادة النيل !!
كيف لك يا سيادة الرئيس أن تدعي إسقاط حكم العسكر والجيش مازال يتحكم في نسبة تتراوح ما بين 33-45% من الاقتصاد المصري هي فعليا خارج سيطرة مجلس النواب والجهاز المركزي للمحاسبات ... هي خارج سيطرة الرئيس نفسه !! هي فعليا وبشكل قانوني ودستوري خارج سيطرة الدولة , فهل يصح لدولة لا تعلم شيء عن ثلث اقتصادها الذي يديره الجنرالات ادعاء التحرر من قبضتهم ؟
أما عن دستور الرئيس وجماعته الذي قنن حكم وسيطرة العسكر علي مفاصل الدولة فهذا شأن آخر فقط ارجع بالذاكرة إلي الخلف قليلا إلي الوثيقة التي أعدها الدكتور علي السلمي واعترض عليها الإخوان واعتبروها عسكرة للدولة لاحتوائها علي مادتين تضعان وضع خاص للعسكر في الحكم وخونوا كل السياسيين الذين أيدوا هذه الوثيقة فإذا بهم حين يكتبون دستورا لمصر الثورة يضعون نفس المادتين سيئتي السمعة بالنص تقريبا في هذا الدستور تحت سمع وبصر هذا الشعب الذي حباه الله بذاكرة كذاكرة الأسماك ولكن التاريخ سيشهد يوما عليه جريمتهم تلك .
دستور يعسكر الدولة ومحاكمات عسكرية للمدنيين وتكريم لمجرمي حرب المجلس العسكري وقانون سيئ السمعة رفضه القضاء من قبل يعود للحياة مجددا ويدعون أن الرئيس مرسي اسقط حكم العسكر ....إخواني أفلا تكبرون ؟

افلت زمام امالك


الجمعة، 8 مارس 2013

الثورة بين جيلين

الثورة مش حكر
لا ملكك ولا ملكي
ملك اللي يومها سند صدره علي السونكي
واللي الرصاصة شالت عينه ولم يبكي .
 عبدالرحمن الابنودي

أحبطني كثيرا ما لمسته في كتابات بعض الكتاب المحترمين في  تحليلهم للأحداث الأخيرة من اتهام لهذا الجيل الذي اشرف بالانتماء إليه بإدمان الاحتجاج وإدمان الثورة ضد أي شيء وأي شخص في السلطة وتمادوا في وصف خطورة هذا الجيل علي الوطن والسلم الاجتماعي ولولا أني اعرف تاريخ هؤلاء الكتاب جيدا وأنهم يكتبون من منابر إعلامية مشهود لها بالنزاهة لحسبتهم قد انضموا إلي دوقة الكتاب إياها التي أدمنت الانبطاح لأي سلطة كانت ثم انتبهت إلي أن والدي وأصدقاءه لهم نفس الفكر تقريبا إذن هي ليست أراء فردية بل هي نظرة جيل كامل نشأ وترعرع في أحضان الأنظمة القمعية التي توالت علي حكم مصر لهذا الجيل الذي أشعل هذه الثورة , صحيح أن بعضهم نزل بالفعل وشاكت في المسيرات التي جابت شوارع المحروسة طوال الثمانية عشر يوما الأولي للثورة والبعض الآخر اكتفي بالتفاؤل الحذر والدعاء ورغم ذلك لا يستطيعون فهم تصرفات هذا الجيل أو يفهمونها علي أنها ( قلة أدب وقلت تربية ) ولهم أقول : إننا حين نزلنا إلي الشوارع والميادين يوم 25 يناير غيرنا النظام السابق وتغيرنا معه...جيلنا دليل دامغ علي أن التغيير تجربة تبادلية أنت حين تغير شيئا ما في واقعك فان شيئا يتغير فيك أنت بالمقابل ونحن غيرنا نظام فاسد فاجر كتم علي أنفاسنا سنين طوال وأصبحنا جميعا جيل ولد من جديد يوم 25 يناير من كان منا يرضي بأنصاف الحلول أصبح يرفضها الآن ... ومن كان يفرح حين يحصل علي جزء من حقه لن يرضي اليوم إلا بحقه كاملا غير منتقص لا تهاون أو تخاذل بعد اليوم .. كل من شارك في هذه الثورة من الشباب يدرك جيدا ما أتحدث عنه ويؤمن مثلما أؤمن انه لا مساومة علي حقوقنا بعد اليوم ربما لأننا شعرنا بفداحة الثمن الذي دفعناه في هذه الثورة فالجيل الذي يوجه إلينا اليوم سهام النقد والتجريح لم ير الأهوال التي رأيناها في محمد محمود لم يجمع أشلاء أصدقاءه الملتصقة باسفلت الشارع ولم يلفظ رفاقهم أنفاسهم الأخيرة أمام أعينهم وهم يوصوهم بإكمال هذه الثورة للنهاية ,فكيف تطالبوننا اليوم بان نهدأ ونصبر ؟؟ أنصبر مثلما صبرتم انتم علي الطاغية وزبانيته ثلاثين عاما أخري ؟؟ إجابتنا هي : لا وألف لا ... انتم آباءنا ولكم منا كل الاحترام والتقدير ولكن ثورتنا ودونها الموت ثورتنا ستكتمل الآن وليس غدا وسنحصل علي حقوقنا كاملة لن نطلبها بل سننتزعها من كل من تسول له نفسه استعباد هذا الشعب من جديد .... لقد قتلوا أصدقاءنا وطمسوا نور أعيننا وتركوا لنا مصابين وعجزة واتهمونا بالعمالة لكل دول العالم تقريبا إلا مصر وصورونا علي أننا منحلين وفسقه وأخرجونا من الدين فماذا بقي لنا في رأيكم كي نخشى أن نفقده؟ لقد دفعنا الثمن مقدما أيها السادة دم وعرق فلماذا لا نطالب بثورة كاملة ووطن جديد لا نهان فيه ثمنا لما دفعناه ؟؟
أجد ما نطلبه عادلا هو مطلب واضح وبسيط حقوقنا الآن وليس غدا حقوقنا كاملة غير منقوصة أي شيء دون ذلك لن نكف عن التظاهر والغضب والتمرد ولن ينجح كائنا من كان في أن يكمم أفواهنا إلا بان ترسلونا إلي نفس المكان الذي سبقنا إليه جيكا والحسيني أبو ضيف والشيخ عماد عفت ومينا دانيال وسالي زهران .
نشر هذا المقال بموقع جريدة الشروق وموقع جريدة البداية