الخميس، 6 فبراير 2014

كلاكيت تاني مرة : عن حكم العسكر الذي لم يسقط

أعلن الجيش تفويضه للجنرال للترشح فطبل المطبلون واعترض المعترضون ولن نناقش هنا إي من وجهتي النظر ... فقط استفزتني عبارة استخدمها مناوئي الجنرال عن أن ترشيحه ردة للخلف وعودة للحكم العسكري الذي تحكم في مقدرات البلاد والعباد منذ 1952 وحثي سقوط مبارك في 2011 والذي سقط بتولي المأسوف علي خطاباته محمد مرسي سدة الحكم باعتباره أول رئيس مدني للبلاد .
يتفاخر دراويش محمد مرسي وأعوانه وأعضاء جماعته وميليشياته بان أهم انجاز للرئيس هو إسقاطه لحكم العسكر واسترداد السلطة عنوة من أيدي الجنرالات .... أن تتفاخر بما ليس لك فهذا كذب أما أن تتفاخر بانجازات لم تحدث أصلا فهذه وقاحة .
" اصدر السيد الرئيس القانون رقم 1 لسنة 2013 بشأن منح ضباط وضباط صف القوات المسلحة حق الضبطية القضائية  للمساهمة في أعمال حفظ الأمن بالبلاد " هذا هو الخبر الذي طالعناه جميعا في بداية العام الماضي أي أن الرئيس الذي يتفاخر بإسقاط حكم العسكر هو نفسه الذي يمنحهم الآن ضبطية قضائية قانونية للقبض علي المدنيين وتفتيش مساكنهم والتواجد في الشارع وتنظيم أكمنة ودوريات وغيرها من مهام الشرطة وان كنت لا تري هذا في الشارع فلن الجيش لم يستخدم سلطاته حتى الآن وتفضل علينا بعدم تفعيل القانون الذي أصدره السيد الرئيس السابق الذي لم يسأل نفسه للحظة وهو يصدر هذا القانون المعيب الذي يعيد بعبع العسكر للشارع من جديد عن مدي شرعيته ودستوريته , أن دستورهم المعيب الذي كتب بليل ينص في مادته 194 على أن ” القوات المسلحة ملك للشعب مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هي التي تنشئ هذه القوات”، وبالتالي قصر مهمة القوات المسلحة في الحفاظ على أمن البلاد وسلامة أراضيها ولم يعهد لها مهام حفظ الأمن الداخلي فهل يطلب منها الرئيس الآن ترك مهامها الأساسية في حماية تراب الوطن لتمارس مهام جهاز الشرطة في حفظ الأمن في الشوارع ؟ أي حكم عسكري الذي أسقطه محمد مرسي وهو الذي كرم سفاحي مجلس الوزراء وماسبيرو ومنحهم اعلي وسام مصري ؟ أي حكم عسكري سقط وقد منحهم في دستوره – أعظم دستور في التاريخ – وضعا استثنائيا  ومن علي محاكمهم الظالمة فوضعها في باب السلطة القضائية وقام بدسترة المحاكمات العسكرية للمدنيين ثم وبكل بجاحة يدعي إسقاط حكم العسكر !!
وحدث ما حدث في 30 يونيو وكتب التيار المدني هذه المرة ما أطلق عليه بالصدفة البحتة أعظم دستور في التاريخ والذي سار علي درب دستور الإخوان فوضع مؤسسة الجيش فوق الدولة وفوق المحاسبة وخضع من ادعوا الليبرالية والانحياز لقيم الحرية وحقوق الإنسان لإرادة الجنرالات فأعادوا تقنين المحاكمات العسكرية للمدنيين وأعطوا المحاكم العسكرية لقب الجهة القضائية بما يعني أن سيف المحاكمات العسكرية ما يزال علي رقبة كل المواطنين بلا استثناء ولا تظن أن مشيك ( جمب الحيط ) سيجعلك بمعزل عن هذا الخطر .. ذكرني بان أحدثك عن صديق سار( جمب الحيط ) فهدموا عليه ( الحيط ) واعتقلوه بتهمة الاعتداء علي ممتلكات الدولة .
كيف يكون حكم العسكر قد سقط والجيش مازال يتحكم في نسبة تتراوح ما بين 33-45% من الاقتصاد المصري هي فعليا خارج سيطرة مجلس النواب والجهاز المركزي للمحاسبات ... هي فعليا وبشكل قانوني ودستوري خارج سيطرة الدولة , فهل يصح لدولة لا تعلم شيء عن ثلث اقتصادها الذي يديره الجنرالات ادعاء التحرر من قبضتهم ؟
البلد الذي يعامل علي انه عزبة خاصة للجنرالات فيتم توزيع المناصب العليا فيه علي من انهي سنوات خدمته منهم وصار فعليا خارج نطاق الخدمة والصلاحية إلا أن سيادته يأبي أن ينعم ببعض الراحة فيتفضل علينا ويقضي ما بقي له من عمر كمحافظ أو رئيس حي أو رئيس شركة من شركات القطاع العام ولا تنسي طبعا القطاعات الحيوية المحجوزة مسبقا لذوي الحظوة من الجنرالات مثل شركات البترول وهيئة الرقابة الإدارية وغيرها .
البلد الذي يعلم كل سكان العالم وعن طريق بحث بسيط بموقع وزارة الدفاع الأمريكية بصفقات الأسلحة التي عقدها جيشه وتفاصيلها والمعونات العسكرية التي تلقاها باستثناء مواطني هذا البلد فاطلاعهم علي مثل هذه الأمور يضر بالأمن القومي ... شوف أزاي ؟
أضف لذلك حق الجيش في وضع يده علي أي جزء يشاء من أراضي الدولة إذا اقتضت خطة الدفاع عن الدولة ذلك بدون مراجعة من أي جهة ثم والصدفة البحتة نفاجأ بأن هذه الأرض تحولت لقري سياحية ومصايف ووحدات إسكان فاخر  وطبعا التصييف والبرنس جزء اصيل من خطة الدفاع عن الدولة .
بعد كل هذا يأتي من يرفض عودة حكم العسكر للبلاد ... وهل ذهب حكم العسكر حتي يعود ؟ إن المسألة اعقد بكثير من مجرد خلفية رئيس الجمهورية أهي مدنية أم عسكرية المسألة تتعلق بمنظومة كاملة وشبكة مصالح تحكم وتتحكم في مقدرات هذا الوطن .... نظرة واحدة لهذا الخريطة  تخبرك من يحكم مصر فعليا وبغض النظر عن شخص الرئيس فالحكم العسكري لمصر الذي أسس له نظام ناصر ورفاقه بعد 1952 قد توغل في كافة مفاصل الدولة المصرية علي مدار ستين عاما وساعدته علي ذلك هشاشة النخبة السياسية المدنية واستعدادها الدائم للانبطاح للسلطة العسكرية بثمن بخس أحيانا وبدون مقابل في معظم الأحيان .
استعادة السيطرة مرة أخري في أيدي سلطة مدنية حقيقية منتخبة ليس بالمهمة السهلة أو البسيطة والي أن تأتي هذه السلطة – أو لا تأتي – فلا تدعي من فضلك أن حكم العسكر قد سقط . .