مع تنامي دور المجتمع المدني في خدمة قضايا التنمية وبدء تنفيذ برامج تنموية بصعيد مصر ظهرت مشكلة جديدة تتعلق بدور المرأة كمتطوع او كناشط مدني يعمل لخدمة قضايا المجتمع المحلي اذ يعاني الصعيد نقصا شديدا في ناشطات العمل المدني بشكل عام و اعتقد ان الصعيد لا ينفرد بالمشكلة دون باقي اقاليم مصر ولكنها هنا اوضح واكثر تشعبا من اي مكان اخر اذ يفتقد العمل المدني بشكل عام في الصعيد للكوادر النسائية - اللهم الا بعض الحالات الفردية - وتحليلي الشخصي لهذه المشكلة يرتكز علي عدة ابعد منها ان الفتاة الصعيدية تدخل العمل المدني مبكرا في سنوات الشباب الاولي وتبدء في اكتساب الخبرات وتكوين رؤية واضحة لمشاكل المجتمع وطرق الاسهام في حلها وبدلا من مواصلة الطريق تنقطع الفتاة عن العمل المدني بمجرد زواجها , واجهت هذا الموقف عدة مرات اذا عملت مع فتات اقل ما يقال عنهن انهن مشروع قيادات نسائية واعية وواعدة في مجتمعاتهم , تدور دائرة العمل الي ان تدخل علي هذه الفتاة نفسها وهي تحمل دعوة لحفل زفافها فاستلم مع الدعوة استقالة غير مكتوبة من جميع المشاريع المشركة بيننا طبعا لا داعي لشرح خيبة الامل التي نتعرض لها ساعتها كمجموعة عمل بالانسحاب المفأجي لعضو نشط ذو خبرة وهكذا يتكرر هذا الموقف من جديد , هذه ليس السيناريو الوحيد اذا هناك دائما سيناريو الاسرة الصعيدية والتي ترفض تمام انخراط بناتهم في مثل هذه الانشطة الاجتماعية فهي بدروها عائق اساسي لمشكلة التطوع والمراة في الصعيد , نجح في الافلات من هذه الدائرة القيادات الحزبية والسياسية النسائية فهن غالبا ينحدرن من اسر ذات باع في العمل السياسي وبالتالي لا ترفض عمل بناتها فيه بالاضافة لارتباط السياسية في ذهن المواطن الصعيدي البسيط بالحزب الحاكم وما يوفره من مزايا للكوادر الحزبيه لا مجال للحديث عنها هنا , تتقاطع هذه القضية ايضا بكل مباشر مع مفهوم عمل المراة في الصعيد فرغم ارتفاع عدد المتعلمين وحاملي المؤهلات العليا بين ابناء الصعيد الا ان معتقدات المجتمع الصعيدي بخصوص عمل المرأة لم تتغير كثيرا فقد ربط المجتمع بين العمل والحاجة للمال وبما ان العمل المدني هو تطوعي غالبا ولا يدر ربحا علي المشتغلين به فلا فائدة منه في نظر شريحة كبيرة من الاسر الصعيدية يضاف هذا الي مشكلة الفقر وتدني مستوي الدخل لمعظم سكان الصعيد فتدفع هذه الاسر بناتها للعمل بدافع الحاجة لا اكثر وليس عن قناعة حقيقية باهمية عمل المراة.
اثر كل هذا علي قضايا المراة بشكر خطير في صعيد مصر فلا نجد لها مدافعين او ناشطين الا فيما ندر واقتصرت رعاية قضايا المرأة علي الجهاز الحكومي المنوط بذلك واقصد المجلس القومي للمرأة وهو بدورة مجرد جهة حكومية اخري تحمل اطنانا من البيروقراطية وترهل الاداء المصاحب لاداء الجهات الحكومية في مصر , احيانا تظهر مؤسسات وافرع لمؤسسات لرعاية قضايا المرأة الا ان الرفض الاجتماعي لطبيعة عمل هذه المؤسسات يصيبها بالشيخوخة المبكرة فتتحول لديكور لا اكثر بلا ادني تاثير حقيقي علي المرأة ومشاكلها في صعيد مصر.
قضايا المجتمع المدني والتطوع في مصر تحتاج لاعادة نظر وخصوصا هذه القضية ولا اتوقع لها حلا علي المستوي القريب او حتي متوسط الاجل ذلك لان حلها مرتبط بتغيير مفاهييم ترسخت لسنين طوال في اذهان وثقافة مجتمع بكامله وبالتالي تحتاج لفترات طوال ولمجهودات جبارة علي كافة المستويات لتغييره .