لماذا ارفض التعديلات الدستورية؟؟

احتدم النقاش هذا الايام حول التعديلات الدستورية المزمع طرحها للاستفتاء في 19 مارس الحالي وجدواها وفحواها الي اخره فاردت توضيح وجهة نظري حول ما يجري الان علي الساحة واحترم حقكم في الاختلاف او الاتفاق طالما اتفقنا علي ان هدفنا هو صالح مصر , ويمكننا ان نبدء هذا الطرح مقسما لعدة محاور :
المحور الاول: شرعية دستور 71
1- لطالما كان دستور 71 مسار لسخريتنا ومادة للدعابة في جلساتنا بما فيه من مواد معيبة ومواد تم تفصيلها ومواد لا يصوغها طالب في اولي حقوق ... تعرض هذا الدستور في تاريخ خدمته  الغير مشرف لعمليات ترقيع غير شرعية تمت كلها بواسطة الة التزوير التي اعتمد عليها النظام السابق السادات /مبارك لتمرير ما يحلو له رغما عن انف الشعب .... اذا هو اصلا دستور لا يعبر عن الشعب اي ان احد طرفي العقد/الدستور لا يرتضي بشروط الاتفاق وهذه هي اول ضربة معول في شرعية دستور 71 المزعومة .
2- ما جدوي ثورة 25 يناير من الاصل ان لم نستطع صياغة عقد جديد .. لقد قالتها الجماهير قوية محددة وواضحة :الشعب يريد اسقاط النظام ... النظام برئيسه ومجالسه الصورية المزورة وبنيته التشريعية المشوهة ... هل سمعت بالله عليك بثورة قامت لتعدل بضع مواد في الدستور؟؟؟ شرعية الثورة تفرض وضعا جديدا وعقدا جديدا بين الشعب والسلطة يصيغ هذا العقد الشعب الذي قام بالثورة ودفع ثمنها دما وارواحا طاهرة فهل ضحينا ب350 روحا من اطهر شبابنا لنعدل 12 مادة في الدستور اما لنصوغ دستورا جديدا يكون حجر زاوية لمصر الجديدة التي نحلم بها.
3- اعلن المجلس الاعلي للقوات المسحلة تعطيل العمل بدستور 71: الدستور لا يعترف بكلمة تعطيل اي ان الوضح الحالي - طبقا للدستور - هو وضع غير دستوري واي تغيرات ستبني عليه هي تغيرات باطلة دستوريا استنادا للقاعدة القائلة ( ما بني علي باطل فهو باطل ) اذا المجلس العسكري اسقط الدستور
4- اعلن الرئيس المخلوع مبارك تخليه عن السلطة وتسليمها للمجلس الاعلي للقوات المسلحة : الدستور القديم ينص علي في حالة فراغ منصب الرئيس يتولي السلطة رئيس مجلس الشعب وان كان المجلس منحلا يتولاها رئيس المحكمة الدستورية العليا ... اذا وضع المجلس العسكري غير دستوري ونطبق نفس ما قيل في النقطة 3
المحور الثاني : جوهر التعديلات الدستورية
اعتقد ان الحديث عن تعديلات لكيان غي شرعي هي محض تضييع للوقت وان اردت الحديث عنها فيكفيك مادة واحدة هي المادة 76 التي تحدد شروط انتخاب رئيس الجمهورية وتطلب منه اثبات نقاء جنسيته المصرية من اي شوائب اجنبية والعياذ بالله..... اخر من تحدث نقاء الجنسية كان هتلر وفلاسفة اليوجينا المخابيل .
المحور الثالث : ماذا بعد ؟
1- في حالة التصويت بلا: هي رسالة قوية وصريحة وواضحة للمجلس الاعلي للقوات المسلحة تتضمن رفضا للترقيع و( الكروتة) السياسية وتطلعا لعهد جديد بمفاهيم جديدة ... اعتقد ان لا بديل لمجلس العكسر عن انتخاب جمعية تاسيسية لتصيغ دستور محترما جديدا يليق بمصر بعد 25 يناير وتعيين مجلس رئاسي مؤقت لإدارة شئون البلاد .
2- في حالة التصويت بنعم : استمرار السيناريو الذي طرحه مجلس العسكر فتجري انتخابات تشريعية مبكرة في ظل ضعف الاحزاب القديمة وضيق الوقت امام الاحزاب الجديدة لتنزل الشارع وتشكل نفسها فتعيد انتاج مجلس شعب من فلول الوطني ومرشحي الاخوان- اظن ان هذه النقطة توضح لماذا يقاتل الاخوان لتمرير هذا التعديلات - في ظل نجاح عدد من النواب المحترمين والوجوه الجديدة لكنهم قلة
ويتم بعدها انتخابات رئاسية لانتخاب رئيس جديد يتسلم السلطة من مجلس العسكر ( ويحكم بنفس الدستور الديكتاتوري الذي يصنع منه اله) ثم يقوم مجلس الشعب بانتخاب جمعية تاسيسة  لوضع دستور جديد ( قد تكون كلها من اعضاء المجلي في ظل عدم وجود اي ضمانات لشكل هذا الجمعية في المواد المعدلة تحديدا المادة 189 و189 مكرر ) ثم طرحه للاستفتاء ثم اجراء انتخابات تشريعية جديدة ورئاسة بعد اقرار الدستور .... هي متاهة اخري 2 استفتاء 2 انتخابات تشريعية 2 انتخابات رئاسية في حوالي عام واحد اي هزل هذا .
اتمني ان اكون وفقت في شرح وجهة نظري وادعوكم  للتصويت بلا واختيار دستور جديد لنا الان وليس بعد 6 اشهر .

تطهير الجيوب

في الحروب الشاملة أو حروب الاجتياح السريعة لا يحكم الجيش المنتصر سيطرته علي كامل الأراضي التي اجتاحها فدائما ما تتبقي مناطق شديدة التحصين والمقاومة يكتفي بحصارها لحين تحقيق النصر الشامل ثم يتم ممارسة ما يعرف في العلوم العسكرية بـ ( تطهير الجيوب ) أي القضاء علي تلك البؤر والمناطق وتطهيرها من العناصر المناوئة له والويل كل الويل للمنتصرين إن نسوا أو تكاسلوا عن عمليات التطهير فرحا بالنصر السريع فعندها تتحول تلك البؤر لمراكز مقاومة قد تتحد وتتآزر لتشن حربا مضادة تكبدهم خسائر فادحة قد تصل أحيانا إلي الهزيمة والانسحاب وفي الثورات كما الحروب تمام فهناك دائما  أعداء للثورة من منتفعي العهد السابق يحاولون بكل طاقتهم تفريغ الثورة من مضمونها والركوب عليها إن لم يستطيعوا القضاء عليها وفي حالة الثورة المصرية فيكذب من يدعي أن الثورة أيدها كل الشعب المصري فطوال الثلاثين عاما الماضية تكونت طبقة من المنتفعين والمستفيدين من الفساد والاستبداد المسيطرين علي العهد البائد لن تتنازل بسهولة عما ربحته وستقاتل حتى أخر قطرة دم ضد الثورة فهي بالنسبة لهم معركة بقاء وبشكل غير معلن تبدأ تلك الجيوب في ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها لإعادة إنتاج الوضع السابق أو علي الأقل الحفاظ علي بعض مكتسباتهم فيه وفي الغالب يتشح أفراد تلك الطبقات بوشاح الثورة طلبا لمزيد من التضليل والتخفي .

ما سبق كان مقدمة ضرورية لنقرأ علي ضوئها ما حدث في منتدى الشباب العربي الذي نظمته مكتبة الإسكندرية في الفترة من 26-28 فبراير 2011 المنتدى الذي فوجي الشباب المشاركين به بتغيير كامل لعنوانه الأصلي ومحاوره المعلنة ليتحول من " منتدى الشباب العربي " الذي كان مقررا أن يناقش ثقافة المبادرة وثقافة الثقة والانفتاح علي الذات والأخر إلي " شباب ثورة التغيير " مع تغيير كامل في البرامج وجدول الأعمال , إلي هنا والموضوع لا يخرج عن كونه خطاء ما أو سوء تنظيم وإدارة لكن أن يكون معظم الشباب المشاركين ينتمون للحزب الوطني  والي جمعية جيل المستقبل وحركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من اجل السلام فهذا يتطلب منا التوقف قليلا والعودة إلي سنوات قليلة مضت عهد فيها النظام الحاكم لمؤسسات معينة بمهمة صناعة شباب يدينون بالولاء للنظام وأفكاره وشكلت هذه المؤسسات فيما بينها شبكة أو تحالف غير معلن تقوده بالطبع أمانة شباب الحزب الوطني وأركانه الأساسية جمعية جيل المستقبل التي يديرها لجمال مبارك وبعض المنظمات الوهمية مثل جمعية شباب مصر التي تنفذ أنشطة داخل الجامعات المصرية و التي تقتصر عضويتها علي شباب الحزب الوطني - بالمناسبة هذه الجمعية لا تصدر صوتا أو تنفذ إي نشاط طوال العام إلا في  الأسبوع الأول من شهر ابريل في كل عام حيث ظهرت كأحدي حيل الحزب لإلهاء الشباب عن المشاركة في إضراب 6 ابريل السنوي - وللأسف لم يكتفوا بذلك بل سعوا إلي ضم مؤسسات حكومية إلي شبكتهم القذرة كان علي رأسها المجلس القومي للشباب ومكتبة الإسكندرية وعمدوا إلي قصر أنشطتهما علي فئتين فقط إما شباب الحزب الوطني أو الشباب غير المسيس وكل شاب شارك في أي نشاط مع المجلس أو المكتبة يعرف جيدا ما يسمي بـ ( خطاب الأمن ) وهو خطاب استئذان موجه لجهاز امن الدولة مرفق معه أسماء وبيانات المشاركين للكشف عنهم في أرشيف الجهاز والتأكد من أنهم لا ينتمون إلي إي تيار معارض رغم أن المجلس والمكتبة مؤسسات حكومية ملك للدولة وليس النظام ويحق لأي مصري التمتع بخدماتهم وأنشطتهم  .

بعد ذلك تحدث حالة من تصدير وجوه شباب المنتدى من خلال التحقيقات الإعلامية والأخبار الصحفية علي أنهم شباب الثورة - رغم أن هولاء الشباب أنفسهم وقفوا في قلب مناقشات المنتدى مهاجمين الثورة وشباب ميدان التحرير- ليس هذا فقط بل وصل الأمر لطرد بعض الشباب غير المنتمين لهذا الفكر أو إجبارهم علي الانسحاب وكانت جريمتهم الوحيدة أنهم جهروا بأفكارهم واعترضوا علي العبث الذي كان يحدث في جلسات المنتدى.

ما يحدث لا يمكن أبدا أخذه بمحمل من حسن النية تجمع شبابي يتشح بعنوان الثورة ويتم الترويج لشبابه علي أنهم شباب ثورة 25 يناير ويضم شباب الحزب الوطني مع أقلية غير مؤثرة من الشباب غير المسيسين وشباب الوطن العربي الذين لا يهمهم الموضوع أصلا دعك طبعا من أنهم قدموا من دولا ديكتاتورية كانت تتصل بعلاقات قوية مع الديكتاتور مبارك واخص اليمن والسودان وكل هذا تحت إدارة د.علي الدين هلال أمين الإعلام بالوطني  ود.إسماعيل سراج الدين (مدير مكتبة الإسكندرية ) الذي ظهر اسمه مؤخرا في قضية فساد كبري مقترن باسم سوزان مبارك أذا الأمر أوضح من أن يتم تحليه المنتدى العربي ترك رسالته وتحول لبوق جديد لإعادة إحياء الحزب الوطني وتنظيم صفوفه وتصديره للناس علي انه حزب جديد لكن ما حدث في أروقة المنتدى وانسحاب بعض الشباب الشرفاء والتغطية الإعلامية التي صاحبت ذلك  شكل ثغرة ضخمة في خطتهم وجرس إنذار لنا لتطهير معاقل النظام السابق وتجفيف منابعه واستعادة المؤسسات الوطنية كالمكتبية والمجلس القومي للشباب وغيرها لتعود مرة أخري مؤسسات دولة لا مؤسسات نظام يحق لكل المصريين علي اختلافهم التمتع بخدماتها والمشاركة في أنشطتها هذا هدف قومي لا يقل أهمية عن إي من أهداف ثورتنا العظيمة .